تحركات إسرائيل وتركيا على الساحة السورية: رسائل استراتيجية وآمال مشروطة بمستقبل مجهول

هل تنجح واشنطن وأوروبا في منع عودة سوريا كقاعدة روسية إيرانية؟ Photo: Artificial intelligence

نشرت مجلة “ناشونال إنترست” الأميركية تقريرًا مفصلًا حول الدور المتوقع للولايات المتحدة والدول الأوروبية في سوريا، مع التركيز على منع تحولها مجددًا إلى قاعدة روسية إيرانية في شرق البحر المتوسط. التقرير تضمن تحليلًا عميقًا من الخبير الأميركي أرييل كوهين حول انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد والتداعيات الإقليمية والدولية لهذا التطور.

انهيار الأسد: نقطة تحول بعد 13 عامًا من الحرب

وصف كوهين وهو المدير الإداري لبرنامج الطاقة والنمو والأمن في مركز الضرائب والاستثمار الدولي، الانهيار السريع لحكومة حزب البعث بقيادة الأسد بأنه نتيجة مباشرة لحرب أهلية استمرت أكثر من عقد. وأضاف أن الاتجاهات العالمية، بما في ذلك العرقية، الدينية، الإرهاب، والهجرة، ساهمت بشكل كبير في تفاقم الأوضاع داخل البلاد. كما أشار إلى أن تدخلات تركيا، روسيا، وإيران فاقمت المشهد، مما جعل سوريا بؤرة صراع دولي معقد.

منع التوسع الجهادي وإعادة الإعمار

شدد كوهين على ضرورة ضمان عدم تحول سوريا إلى قاعدة جديدة للتنظيمات الجهادية، مثل تنظيم داعش. وأوصى بأن تركز جهود إعادة الإعمار على المساواة والعدالة الاجتماعية، خاصة للأكراد، الذين كانوا شركاء رئيسيين للولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب. ورغم أهمية إعادة الإعمار، أقر كوهين بأنها ستواجه تحديات كبرى في ظل الوضع المتأزم في سوريا.

economist

التغير في ميزان القوى الإقليمي والدولي

مع انهيار النظام السوري، تراجع النفوذ الروسي والإيراني في المنطقة، وفقًا لكوهين. واعتبر أن روسيا قد تواجه خسارة استراتيجية كبيرة تشمل قواعدها العسكرية في طرطوس وحميميم. أما إيران، فقد تخسر أهم ممراتها اللوجستية إلى حزب الله في لبنان، ما يضعف نفوذها الإقليمي.

تحركات إسرائيل وتركيا: رسائل متعددة الأطراف

لم تغب التحركات الإسرائيلية والتركية عن المشهد. إسرائيل سعت إلى تأمين منطقة عازلة في مرتفعات الجولان عبر تدمير منهجي لترسانة الأسد العسكرية. من جهة أخرى، رهنت تركيا دورها الإقليمي عبر دعم الجماعات المتمردة ونشر قوات “الجيش الوطني السوري” المدعوم من أنقرة، مع الاستمرار في استهداف قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيًا.

كوهين أكد أن تركيا لم تشهد مثل هذا التأثير العسكري والدبلوماسي منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية، حيث تسعى أنقرة إلى ترسيخ نفوذها في شمال سوريا من خلال مناطق عازلة كبيرة.

الاتجاهات الأميركية في سوريا

أشار التقرير إلى تغير محتمل في الموقف الأميركي تجاه هيئة تحرير الشام، حيث أجرى مسؤولون أميركيون محادثات مباشرة مع قائدها أحمد الشرع. ورغم أن وزارة الخارجية الأميركية لا تزال تصنف الهيئة كمنظمة إرهابية، إلا أن البيت الأبيض يدرس إعادة تقييم هذا التصنيف في إطار استراتيجيته الأوسع لتحقيق الاستقرار.

إعادة الهيمنة الأميركية في الشرق الأوسط

اعتبر كوهين أن هزيمة روسيا وإيران في سوريا توفر فرصة لإعادة تأسيس الهيمنة الأميركية في المنطقة. هذا السيناريو يشمل سحب القوات الروسية وإغلاق قواعدها، إلى جانب تعطيل خطوط الإمداد الإيرانية لحزب الله. ويرى كوهين أن هذه الخطوات ستعيد ترتيب موازين القوى بما يخدم المصالح الغربية.

آمال مشروطة ومستقبل غامض

رغم المعاناة الكبيرة التي تعرض لها الشعب السوري، يرى كوهين أن بناء دولة ديمقراطية سلمية تبدو كحلم بعيد. ومع ذلك، أكد أن تحقيق الاستقرار يعتمد على قدرة القادة المحليين والدوليين على التفاهم والاتفاق، محذرًا من احتمال اندلاع صراعات جديدة قد تؤدي إلى المزيد من المآسي.

ختامًا، يظل مستقبل سوريا معلقًا بين طموحات إعادة الإعمار وتحديات الصراعات المستمرة، ما يجعل تحقيق السلام والتنمية حلمًا يتطلب جهودًا دولية واستراتيجية محكمة.

المزيد من المواضيع