دال ميديا: تصاعدت التوترات الدبلوماسية بعد المشادة الحادة التي وقعت بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب داخل البيت الأبيض، والتي انتهت بإلغاء مؤتمر صحفي مشترك ومغادرة زيلينسكي للمقر الرئاسي قبل الأوان. في أعقاب الحادث، بدأت العواصم الأوروبية باتخاذ خطوات لدعم كييف، وسط قلق متزايد بشأن موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من الحرب في أوكرانيا، وفقا ما نقلته وكالة الأنباء السويدية TT.
موقف أوروبي موحد لدعم أوكرانيا
مع تصاعد الجدل حول مستقبل الدعم الأمريكي لكييف، وصل زيلينسكي إلى لندن للمشاركة في قمة طارئة دعا إليها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بحضور قادة أوروبيين بارزين، بينهم رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون. القمة التي ستبحث تقديم مساعدات إضافية لأوكرانيا، تأتي في وقت حساس مع تصاعد المخاوف من أن يكون التوتر الأمريكي الأوكراني مقدمة لتقليص المساعدات العسكرية والمالية لكييف.
وفي تعليقها على المواجهة التي شهدها البيت الأبيض، وصفت زعيمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي، ماغدالينا أندرسون، طريقة تعامل ترامب مع زيلينسكي بأنها “غير لائقة” و”تقوض الجهود الأوروبية لدعم أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي”. وأضافت أن أوروبا لا يمكنها الاعتماد كليًا على واشنطن، داعية إلى تعزيز القدرات الدفاعية للقارة وإيجاد حلول ذاتية للحفاظ على استقرارها.
تحركات متسارعة في العواصم الأوروبية
في ظل هذه المستجدات، أعلن رئيس الوزراء النرويجي يوناس غار ستوره أن بلاده ستقترح زيادة حجم المساعدات المقدمة لأوكرانيا، والتي بلغت حتى الآن 35 مليار كرونة نرويجية، مشددًا على أن “السلام بدون ضمانات أمنية لأوكرانيا ليس خيارًا”. من جانبه، أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر التزام لندن “الثابت” بدعم كييف، مشيرًا إلى أن بلاده تعمل على إيجاد “طريق آمن نحو سلام دائم يحفظ سيادة أوكرانيا وأمنها”.
وفي السويد، شددت أندرسون على ضرورة تعزيز الدفاعات العسكرية السويدية، موضحة أن “كل دولة أوروبية يجب أن تقوم بواجبها في رفع الجاهزية الدفاعية ومضاعفة الدعم العسكري لأوكرانيا”. وأضافت أن بلادها “ستكون في طليعة الدول التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى زيادة مساعداته لكييف”.
زيلينسكي يرفض الاعتذار ويطالب بضمانات
في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز”، رفض زيلينسكي الاعتذار لترامب، مؤكدًا أنه لم يرتكب أي خطأ يستدعي ذلك، مضيفًا أن بلاده “لن تصمد أمام روسيا دون دعم أصدقائها، لكن أوكرانيا ستواصل القتال بكل السبل المتاحة، سواء حصلت على دعم أمريكي أم لا”. وشدد الرئيس الأوكراني على أن “أي حديث عن تسوية سلمية لا يمكن أن يكون ذا جدوى ما لم تتوفر ضمانات أمنية تحمي أوكرانيا من أي هجوم مستقبلي”.
ورغم التوتر مع ترامب، حرص زيلينسكي على التأكيد على متانة العلاقة مع الشعب الأمريكي، حيث نشر عبر منصة “إكس” رسالة شكر للولايات المتحدة، قال فيها: “الأوكرانيون يقدّرون كل دعم قدمته الولايات المتحدة، خاصة خلال السنوات الثلاث الماضية من الغزو الروسي”، مشددًا على أن “لا أحد يريد إنهاء الحرب أكثر من الشعب الأوكراني”.
إلى أين تتجه الأزمة؟
مع استمرار الجدل حول مستقبل الدعم الغربي لكييف، يبقى السؤال مطروحًا حول ما إذا كانت إدارة ترامب ستُبقي على دعمها العسكري لأوكرانيا أم ستتجه نحو فرض تسوية سياسية قد لا تلبي المطالب الأوكرانية. في الوقت ذاته، تبدو أوروبا مصممة على سد أي فجوة قد تتركها واشنطن، وسط مؤشرات على توسيع نطاق الدعم المالي والعسكري لكييف.
وفي ظل هذه التطورات، يُنتظر أن تسفر قمة لندن عن قرارات حاسمة من شأنها تحديد مسار الحرب في المرحلة المقبلة، فهل تتمكن أوكرانيا من تأمين دعم أوروبي كافٍ لتعويض أي تقليص محتمل للمساعدات الأمريكية، أم أن المعركة الدبلوماسية بين كييف وواشنطن ستلقي بظلالها على مستقبل النزاع؟