أزمة التسعينيات: كيف أدى التحرير المالي والفقاعة العقارية إلى ركود تاريخي في السويد؟

Foto: Offensiv
Foto: Offensiv

بين عامي 1990 و1994، واجهت السويد واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية في تاريخها الحديث، والتي تسببت في ركود اقتصادي عميق، وارتفاع في معدلات البطالة، واهتزاز في النظام المالي. الأزمة تميزت بانهيار سوق العقارات، تفاقم الديون، وإجراءات مالية متعثرة. دعونا نستعرض بالتفصيل الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذه الأزمة الكبرى.

1. التحرير المالي السريع بحسب موقع “Sveriges Riksbank” (البنك المركزي السويدي)، كانت البداية للأزمة تعود إلى عملية التحرير المالي السريع في أواخر الثمانينيات، حيث قامت السويد برفع القيود على القروض وأسواق المال. هذا التحرير جاء في إطار محاولة تعزيز القطاع المالي وجذب الاستثمار، ولكنه أدى أيضًا إلى زيادة كبيرة في حجم القروض الممنوحة للشركات والأفراد دون وضع معايير كافية للحد من المخاطر.

2. الفقاعة العقارية تحرير القطاع المالي أدى إلى تدفق الأموال إلى قطاع العقارات، مما تسبب في تضخم سريع في أسعار العقارات. وفقًا لموقع “Nordic Economic Research” كانت القروض العقارية تُمنح بشروط ميسرة، مما دفع المستثمرين والمطورين للاستثمار بكثافة في العقارات. في نهاية المطاف، تشكلت فقاعة عقارية كبيرة، ومع عدم وجود استقرار حقيقي في السوق، بدأت الأسعار بالانهيار في أوائل التسعينيات، مما أدى إلى أزمة ثقة واسعة النطاق.

3. السياسات المالية المتشددة بحسب “Economist Intelligence Unit”، اعتمدت الحكومة السويدية في تلك الفترة سياسة مالية متشددة لاحتواء التضخم المرتفع في أواخر الثمانينيات. رفع أسعار الفائدة أدى إلى زيادة تكلفة الديون، مما أضعف القدرة الشرائية للأسر والشركات، وساهم في تراجع النشاط الاقتصادي بشكل كبير.

4. ارتفاع معدلات الفائدة البنك المركزي السويدي قام بزيادة أسعار الفائدة بشكل كبير في محاولة للحفاظ على قيمة الكرونة السويدية. “بحسب موقع Sveriges Television (SVT)”، بلغت أسعار الفائدة في فترة معينة نحو 500%، وذلك لمحاولة الدفاع عن العملة السويدية ضد المضاربات في أسواق الصرف العالمية. هذه السياسة أثرت بشكل كبير على المقترضين، وأدت إلى زيادة كبيرة في تكاليف القروض الشخصية والتجارية، مما أدى إلى تعثر الكثير من الشركات والأفراد في سداد الديون.

5. أزمة الثقة المالية وفقًا لموقع “Reuters”، تسبب انهيار أسعار العقارات وارتفاع الفائدة في فقدان الثقة بالقطاع المالي، مما أدى إلى انهيار العديد من البنوك والمؤسسات المالية. بنوك رئيسية في السويد تعرضت لخسائر فادحة، واضطرت الحكومة إلى التدخل وإنقاذ القطاع المصرفي بضخ سيولة وضمان ودائع العملاء، في محاولة لتجنب انهيار شامل للنظام المالي.

6. الانكماش الاقتصادي وتزايد البطالة مع انهيار القطاع العقاري وارتفاع الفائدة، تراجع النمو الاقتصادي بشكل كبير. وفقًا لتقرير من “World Bank”، انكمش الاقتصاد السويدي بنسبة تجاوزت 5% في عام 1992، بينما ارتفعت معدلات البطالة من أقل من 2% إلى نحو 12%، مما تسبب في ضغط كبير على النظام الاجتماعي وزيادة الحاجة إلى المساعدات الحكومية.

7. ضعف العملة السويدية في عام 1992، حاولت السويد الحفاظ على ربط الكرونة السويدية بسلة العملات الأوروبية الرئيسية، ولكن في ظل ضغوط المضاربات، اضطرت السويد في نهاية المطاف إلى التخلي عن هذا الربط، مما أدى إلى انخفاض حاد في قيمة العملة. “بحسب موقع Bloomberg”، هذا الانخفاض في قيمة الكرونة أدى إلى زيادة أسعار الواردات، مما فاقم الأعباء على الاقتصاد والمستهلكين.

8. التأثيرات الاجتماعية والسياسية أدت الأزمة إلى تغيرات كبيرة في المشهد السياسي السويدي، حيث بدأ الناخبون يفقدون الثقة في الأحزاب الحاكمة التي كانت مسؤولة عن السياسات الاقتصادية في تلك الفترة. “بحسب موقع “BBC News”، تراجعت شعبية الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي كان في السلطة، مما أدى إلى تغيير في الحكومات والبحث عن سياسات اقتصادية جديدة تهدف إلى تحقيق استقرار اقتصادي ونمو مستدام.

الخلاصة الأزمة الاقتصادية التي واجهتها السويد بين 1990 و1994 كانت نتيجة لمجموعة من العوامل المعقدة، بما في ذلك التحرير المالي غير المحسوب، الفقاعة العقارية، السياسات النقدية المتشددة، وارتفاع أسعار الفائدة، فضلاً عن ضعف الثقة في النظام المالي. تدخلت الحكومة لاحقًا بإجراءات إنقاذ وإصلاحات مالية عميقة ساعدت على استعادة الاستقرار والنمو، وجعلت من تلك التجربة درسًا هامًا في كيفية إدارة التوازن بين التحرير المالي والسياسات النقدية.

المزيد من المواضيع