ستوكهولم: شهد عام 2024 ارتفاعًا غير مسبوق في عدد الأطفال المحبوسين في السجون المخصصة للبالغين في السويد، حيث يجلس ما يقارب مائة طفل تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عامًا في المعتقلات يوميًا. هذا الرقم يعكس زيادة دراماتيكية لم تشهدها البلاد من قبل، ويتزامن مع تصاعد الجرائم الخطيرة التي يُشتبه في تورط هؤلاء الأطفال فيها، مثل الجرائم المتعلقة بالأسلحة، والقتل، ومحاولات القتل.
تحديات غير مسبوقة في إدارة المعتقلات
على الرغم من خطورة الجرائم التي يُشتبه في ضلوع الأطفال فيها، إلا أنهم يظلون قاصرين يتطلب القانون معاملتهم معاملة الأطفال، وليس كالبالغين. في أكتوبر 2024، سجلت السويد أعلى معدل لعدد الأطفال المحبوسين يوميًا، حيث بلغ 123 طفلًا في مختلف المعتقلات.
تصف آنا فروم، رئيسة معتقل كرونوبرغ في ستوكهولم، هذه التحديات بقولها:
“إنها تحديات كبيرة جدًا تحتاج إلى معالجة. لم تكن المنشآت مصممة لاستيعاب أطفال بين السجناء، وهو ما يضع ضغطًا كبيرًا على البنية التحتية للمعتقلات والموظفين.”
وفي زيارة قامت بها SVT إلى المعتقل، كان هناك 20 طفلًا محبوسين فيه.
جرائم قاسية وأطفال في دائرة الاتهام
حتى سنوات قليلة مضت، كان من النادر رؤية أطفال محبوسين في السويد، حيث يتطلب اعتقال الأطفال وجود شكوك بارتكاب جرائم شديدة الخطورة. لكن الزيادة السريعة في عدد الجرائم التي تورط فيها الأطفال جعلت هذا الأمر مألوفًا، وهو ما يمثل تغييرًا كبيرًا في عمل الموظفين في المعتقلات، خصوصًا على المستوى النفسي.
تقول مايدا نومانوفيتش، المفتشة في إدارة السجون:
“إن الجرائم التي نواجهها هنا شديدة القسوة. الأمر صعب عند رؤية فتاة تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا متورطة في جريمة قتل، من الصعب التصديق.”
التحديات الإنسانية: ما بين القانون والواقع
ينص اتفاقية حقوق الطفل على أن حبس الأطفال يجب أن يكون “الملاذ الأخير ولأقصر فترة ممكنة”. في السويد، الهدف هو عدم تجاوز فترة الحبس ثلاثة أشهر، ولكن في الواقع غالبًا ما تطول الفترة بشكل أكبر من ذلك.
تتطلب القوانين من موظفي السجون أن يخصصوا وقتًا أطول للأطفال، من خلال ألعاب الطاولة، ولعب الألغاز، وحتى خبز الحلويات. وبخلاف البالغين، يتمتع الأطفال بحق قانوني في أربع ساعات من التواصل اليومي البشري.
يقول توماس هوبي، أحد موظفي السجون:
“نضحك كثيرًا ونقضي وقتًا ممتعًا. أنا أحب اللعب بلعبة ‘الماسة المفقودة’ مع الأطفال، وهذا يساعدهم على الشعور ببعض الراحة، ولو لثوانٍ قليلة، ننسى كل الضغوط ونركز على شيء آخر.”
التعامل مع الجانب الإنساني للأطفال المتهمين بجرائم خطيرة
يرى البعض أن منح الأطفال المتهمين بجرائم قاسية وقتًا للترفيه أمر غير مقبول، لكن هوبي يوضح:
“قد يعتقد البعض أنه من غير الملائم أن يقضي طفل متهم بجريمة قتل وقتًا سعيدًا، ولكن لا بد لنا من توفير مساحة إنسانية لهم. هذا يساعدهم على البقاء في حالة عقلية مستقرة، مما يتيح لهم التواصل مع عائلاتهم، ومع المحامين والشرطة بشكل أفضل، بدلاً من أن ينهاروا بسبب العزلة.”
الختام: ضرورة الموازنة بين العدالة والإنسانية
في ظل تزايد عدد الأطفال المحتجزين في المعتقلات السويدية، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تحقيق التوازن بين تنفيذ القانون ومعاملة هؤلاء القاصرين كأطفال يحتاجون إلى الرعاية والدعم النفسي. هل يمكن للسويد إيجاد حلول لمواجهة هذه التحديات والحد من تزايد أعداد القُصّر في المعتقلات؟ يبقى هذا السؤال مفتوحًا في انتظار مزيد من الحلول الشاملة والمستدامة.
المصدر: svt