بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، تجاوز عدد المهاجرين من أوكرانيا الى ألمانيا، أعداد المهاجرين الذين استقبلتهم ألمانيا عامي 2015 و2016. أما من بعض الدول العربية، تشير التقارير ان أعداد المهاجرين بات في ازدياد مستمر، وفقا لـ DW التي نقلت البيانات من وزارة الداخلية الألمانية.
تشير الأرقام الواردة من وزارة الداخلية الألمانية، ان عدد اللاجئين من أوكرانيا، وصل الى نحو مليون شخص منذ بدء الحرب. و بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة (UNHCR)، فقد حصل أكثر من 700 ألف أوكراني في ألمانيا على وضع الحماية كلاجئ حرب. كما تتوقع السلطات ان يرتفع العدد بشكل أكبر بسبب الحرب المستمرة و سهولة الوصول الى أراضي ألمانية.
أما عن اللاجئين من دول الشرق الأوسط، فقد وصلت عدد طلبات اللجوء في ألمانيا حتى شهر أغسطس الى حوالي 112 الف، بحسب المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين. وهي زيادة قدرها أكثر من 35 في المائة من العام الماضي.
وفقا للسلطات الألمانية، فقد جاء السوريون بالمرتبة الأولى بأكثر من 35 الف طلب لجوء، و الأفغان بحوالي 20 الف طلب، والعراقيون بأكثر من عشرة آلاف طلب أولي. وقد شكلت طلبات اللجوء المقدمة خلال هذا العام زيادة بنحو 50 بالمائة من العام الماضي.
و تعزو وزارة الداخلية الاتحادية، السبب الى الوضع الاقتصادي والسياسي المحلي في بلدان الاستقبال والعبور مثل تركيا و تونس و ليبيا.
وأشار تقرير DW، الى الدول الأوروبية مثل اليونان وإيطاليا، بالكاد تساعد المهاجرين مالياً وتسمح لهم بالعبور الى ألمانيا، بالرغم من أنه يتوجب عليهم القيام بواجبهم بشكل أفضل.
كيفية توزيع اللاجئين على المناطق في ألمانيا
لدى السلطات الألمانية، برنامج يسمى بـ “مفتاح كونيغشتاين”، حيث يتم كل عام إعادة حساب عدد الأشخاص الذين يتوجب على الولايات الألمانية أستوعابهم على أساس عائدات الضرائب وعدد السكان. وهي الطريقة المثلى لتوزيع اللاجئين على المناطق بالتساوي.
وفي حال قررت ولاية معينة إيقاف استقبال اللاجئين، تقوم بسحب نفسها من البرنامج. وهو ما حدث هذا العام حيث قامت 12 ولاية اتحادية من أصل 16، بالإنسحاب من البرنامج بسبب عدم مقدرتها على قبول لاجئين أكثر.
في شهر يونيو، كان لا يزال بإمكان معظم المدن والبلديات بتأمين أماكن لإستقبال اللاجئين، كما حدث في 2015 و2016، عندما قامت بتجهيز صالات الرياضة لإحتواء اللاجئين. لكنها توقفت عن ذلك الان بحجة عدم قدرتهم على إستضافة المزيد من اللاجئين.
بات من المعروف ان سوق الإسكان في ألمانيا، يعاني من عدم الاستقرار، ولم تبقى شقق و مساكن شاغرة إلا في المناطق الريفية النائية.
وقال غيرالد كناوس، الباحث في شؤون الهجرة، انه سيكون الوضع كارثياً اذا ما تفاقم الوضع في أوكرانيا، خاصة عندما يتعطل الإمدادات الاساسية و تنقطع الكهرباء.
سياسة الاندماج الألمانية
دائما ما تكون هناك دورات تعليمية لكيفية الإندماج في المجتمع الألمانية و دورات تعليم اللغة، فقد بدأ منذ شهر سبتمبر، أكثر من 100 الف لاجئ أوكراني بالدخول الى دورات الاندماج. و تتكون الدورة من 600 وحدة تعليمية للتعليم الللغة و 100 وحدة تعليمية أخرى توجيهية، يتم من خلالها التعرف على نظام الدولة والمجتمع وتاريخ ألمانيا.
بالاضافة الى الأوكرانيين، هناك حالياً حوالي 90 ألف لاجئ أخر يشاركون في دورات الاندماج. وبحسب التقارير، يوجد حاليا 1500 مركز تعليمي يقومون بمهام الاندماج.
ومن أجل القيام بواجبها اتجاه اللاجئين و استقبال عدد أكبر منهم، تطالب البلديات الألمانية بالمزيد من الأموال. ففي شهر أبريل، دفعت الحكومة ملياري يورو إضافية للولايات والبلديات الاتحادية حتى تتمكن من تنفيذ مهام مساعدة اللاجئين. وفي نوفمبر، ينبغي توضيح المزيد بشأن التمويل. لكن الأموال اٌستنفدت منذ فترة طويلة، وفقًا لمجلس المدن وكذلك وفقا لرابطة المدن والبلدات، وهما مجموعتان تدافعان عن مصالح المحليات.
ودعت المجموعتان إلى عقد قمة للاجئين، تضم الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات والحكومات المحلية، يوم الثلاثاء 11 أكتوبر، لكن وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر دعت فقط المدن والمحليات ولم تدعُ حكومات الولايات.
هل هناك تهديد بأزمة تقارن بـ 2015/2016؟
وتحذر أحزاب المعارضة من تكرار الوضع السابق،عندما استقبلت ألمانيا خلال بضعة أشهر حوالي 1.2 مليون شخص، معظمهم من سوريا وأفغانستان والعراق.
وقال وزير الداخلية البافاري يوآخيم هيرمان، “إذا أحصينا طالبي اللجوء واللاجئين من أوكرانيا، فسنكون قد تجاوزنا بالفعل رقم عام 2016 بشكل واضح”.
كيف ستتعامل الحكومة الاتحادية مع موجة اللجوء الجديدة؟
تشير التقارير الى ان وزارة الداخلية الاتحادية على دراية كاملة بالمشاكل. وتريد الوزيرة نانسي فيزر استكشاف خيارات ملموسة مع البلديات لتحسين الوضع. رغم ذلك، فهناك حاجة للتنسيق في برلين ليس فقط على المستوى الوطني في ألمانيا ولكن أيضًا على المستوى الأوروبي. فأولئك الذين يسعون للحصول على الحماية من أوكرانيا، موزعون بشكل غير متساو في جميع أنحاء أوروبا. فقد استقبلت بولندا وجمهورية التشيك أكبر عدد من الأشخاص، واستقبلت ألمانيا ما يقرب من مليون شخص، بينما فرنسا مثلا لم تستقبل سوى نحو 100 ألف شخص فقط.
وفي ضوء العدد المتزايد لطالبي اللجوء، ينبغي الحد من الدخول غير القانوني عبر غرب البلقان. وتم تمديد الضوابط الحدودية مع النمسا، وتقوم الشرطة الاتحادية بمراقبة الحدود التشيكية بشكل متزايد كجزء من التفتيش العشوائي.
ونبه برلمانيون ألمانيون، الى ان نظام اللجوء الأوروبي المشترك، لم يكن في المستوى المطلوب، لذلك يتطلب الأمر عقد قمة أوروبية بخصوص الهجرة في أقرب وقت ممكن من أجل مناقشة القواعد الجديدة حول كيفية تعامل أوروبا مع موجات اللاجئين في المستقبل.