دال ميديا – ستوكهولم: يعاني الاقتصاد السويدي من تبعات ارتفاع أسعار الفائدة بصورة أشد من جيرانه الإسكندنافيين، وفقاً لتحليل اقتصادي أجراه الخبير كيتيل أولسن، كبير الاقتصاديين في مصرف نورديا بالنرويج. في وقت تلتزم فيه النرويج والدنمارك بنظام قروض سكنية يجعل من المقترضين أقل حساسية لتقلبات الفائدة، يكشف النظام السويدي عن مدى تأثيره الكبير على المواطنين والشركات بشكل مباشر.
أولسن يصف السويديين بأنهم “الأكثر تأثراً بتقلبات الفائدة” مقارنة بالنرويج والدنمارك، حيث يتسبب النظام القائم على القروض ذات الفائدة المتغيرة وقصيرة الأجل في زيادة الأعباء المالية بشكل مباشر على المقترضين. ويضيف أولسن أن معظم المقترضين في الدنمارك يعتمدون على قروض ذات فائدة ثابتة لمدة تصل إلى 30 عامًا، ما يضمن استقرار الدفعات الشهرية للمقترضين ولا يضعهم تحت ضغوط فورية عند ارتفاع أسعار الفائدة.
حساسية مفرطة للفائدة في السويد
في النرويج، حيث يعتمد المقترضون أيضاً على قروض بفائدة متغيرة، فإن نظام القروض الثابتة أو القسط المتساوي يجعل تأثير ارتفاع الفائدة أقل حدة من السويد. إذ يعتمد النظام النرويجي على توزيع الدفعات بين الفائدة وأصل القرض بشكل متوازن، بحيث تزيد أو تنخفض الأقساط الشهرية وفقاً للفائدة، مما يسمح بتقليل العبء الفوري عند ارتفاع أسعار الفائدة.
أما في السويد، فإن الغالبية العظمى من المقترضين يعتمدون على قروض بفائدة متغيرة تُعرف باسم “قروض السلسلة” أو “السيريلان”، وهي قروض تُسدد بمعدل ثابت للأصل مع دفع الفائدة على الرصيد المتبقي من القرض. هذا يعني أن أي زيادة في سعر الفائدة تؤدي إلى ارتفاع فوري في المدفوعات الشهرية، مما يؤثر بشكل مباشر على دخل الأسرة. ويقول أولسن إن “السوق السويدية بالغة الحساسية تجاه تقلبات أسعار الفائدة، مما يجعل الاقتصاد عرضة للضغط في أوقات ارتفاع الفائدة.”
تأثير على النمو الاقتصادي
تشير البيانات إلى أن النظام السويدي كان له دور مباشر في إبطاء النمو الاقتصادي، حيث تراجعت معدلات الإنفاق الشخصي في السويد مقارنة بالنرويج والدنمارك. وصرح أولسن قائلاً: “السويد أقل إنفاقاً على الخدمات مقارنة بجيرانها؛ فقد شهدت الدنمارك والنرويج إنفاقاً يفوق مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، بينما السويد لا تزال دون هذا المستوى.”
أشار أولسن إلى أن السويد قد تستفيد على المدى الطويل عند تخفيض البنك المركزي السويدي (Riksbanken) لأسعار الفائدة مجدداً، متوقعاً تحسن الأوضاع الاقتصادية بحلول عام 2025.
النظام الدنماركي: نموذج للاستقرار المالي
بخلاف السويد، تقدم الدنمارك نظاماً مالياً متيناً، حيث تعتمد الغالبية العظمى من القروض السكنية على نظام “التمويل العقاري” من خلال إصدار السندات. يتيح هذا النظام لأصحاب العقارات إمكانية إعادة جدولة ديونهم، حيث يمكنهم بيع القروض وإعادة التفاوض حول أسعار الفائدة في أي وقت، وهو ما يعتبره الاقتصادي هيلج بيدرسن من نورديا في الدنمارك “نظاماً ممتازاً يمنح مرونة مالية للمقترضين.”
وبفضل هذا النظام، تمكن الدنماركيون من تقليص ديونهم السكنية بنسبة تصل إلى 30% خلال السنوات الأخيرة، مع استفادتهم من الفوائد المرتفعة في الوقت ذاته. يتيح النظام أيضاً للمقترضين اختيار إعادة تحويل قروضهم عكسياً للاستفادة من انخفاض الفائدة حتى لو ارتفعت قيمة الدين.
نظرة مستقبلية للأنظمة العقارية الإسكندنافية
يعد النظام السويدي اليوم فريداً من نوعه لكنه يضع اقتصاد البلاد في وضع حساس تجاه تقلبات أسعار الفائدة العالمية، في حين يقدم النظام الدنماركي بديلاً يوفر الاستقرار والمرونة. ومع توقعات أولسن بانتعاش اقتصادي بفضل التخفيضات المتوقعة للفائدة، يبدو أن السويد ستستفيد على المدى الطويل رغم التحديات الحالية.
المصدر: tv4