كشف تقرير جديد صادر عن المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية “IDEA” عن تدهور ملحوظ في سيادة القانون وانخفاض الإقبال على الانتخابات في العديد من الدول الأوروبية، التي طالما اعتبرت نموذجًا للاستقرار الديمقراطي. التقرير، الذي صدر ضمن إطار “الحالة العالمية للديمقراطية 2024″، أشار إلى أن تراجع جودة العمليات الديمقراطية ليس محصورًا في مناطق محددة، بل أصبح ظاهرة عالمية تمتد حتى إلى أوروبا.
تراجع إقبال الناخبين ورفض النتائج
يتناول التقرير بالتفصيل تحليلًا شاملًا للانتخابات الوطنية في 159 دولة بين مايو 2020 وأبريل 2024، مسلطًا الضوء على تدهور جودة الانتخابات والإقبال على صناديق الاقتراع. ووفقًا للتقرير، شهدت نسبة الإقبال على الانتخابات انخفاضًا ملحوظًا بنسبة تقارب 10% خلال الخمسة عشر عامًا الماضية، حيث أصبحت الفجوة بين الناخبين أكبر، ما يثير مخاوف حول شرعية العمليات الديمقراطية.
في أوروبا، على الرغم من أن أداء العمليات الديمقراطية ما زال أفضل مقارنة ببقية العالم، أشار التقرير إلى أن القلق يتزايد بشأن قلة إقبال الناخبين. وفي بعض الدول، وصلت الأمور إلى أن خاسري الانتخابات رفضوا الاعتراف بنتائجها، وهو ما حدث في حوالي 20% من الانتخابات التي جرت خلال السنوات الأخيرة.
تهديدات للحريات وسيادة القانون
أثار التقرير أيضًا قلقًا بشأن تراجع الحريات المدنية والوصول إلى العدالة في بعض الدول الأوروبية، وذكر أن بعض الأنظمة الحاكمة في أوروبا تمارس ضغوطًا متزايدة على القضاء، مما يهدد استقلالية المحاكم. دول مثل بلغاريا، اليونان، هولندا، البرتغال، وإسبانيا، كانت بين الدول التي أشار إليها التقرير على أنها تواجه ضغوطًا على الديمقراطية وسيادة القانون.
وأوضح سام فان دير ستاك، مدير برنامج أوروبا في المعهد، أن السلطات التنفيذية في بعض هذه الدول بدأت تملأ المحاكم بمناصرين لها، مما يؤدي إلى تقليص الاستقلالية القضائية وتزايد الضغوط على الديمقراطية.
تهديد لحرية التعبير والصحافة
أشار التقرير أيضًا إلى تدهور حرية التعبير وحرية الصحافة في العديد من الدول الأوروبية. تزايدت المخاوف في اليونان، حيث تواجه البلاد ضغوطًا على الحرية الأكاديمية، بينما سجلت إيطاليا وسلوفاكيا محاولات متكررة من الحكومات للتأثير على وسائل الإعلام المستقلة. كما أشار التقرير إلى أن فرنسا تعاني من انتقادات تتعلق باستبعاد بعض الأفراد من المشاركة في العمليات السياسية بسبب أوضاعهم الاقتصادية.
تحديات تواجه الديمقراطية في المستقبل
بينما يستمر الوضع الديمقراطي في أوروبا بالتراجع، يتوقع التقرير أن تستمر هذه التحديات بالتفاقم، ما لم تُتخذ خطوات عاجلة للحفاظ على ديمقراطية قوية. كما حذر من أن استمرار التراجع في سيادة القانون والحريات المدنية سيؤدي إلى تفاقم الأزمات السياسية ويزيد من حالة الاستقطاب المجتمعي.
في ضوء هذه النتائج المثيرة للقلق، يتعين على القادة الأوروبيين اتخاذ إجراءات فورية لضمان استعادة الثقة في النظام الديمقراطي وضمان استقلالية المؤسسات والحفاظ على الحريات العامة، ما يسهم في حماية الديمقراطية الأوروبية من التهديدات المتصاعدة.