نشر موقع DW.com الألماني تقريرًا موسعًا حول الحوافز المالية التي اقترحتها الحكومة السويدية لعودة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية بشكل طوعي، وهي خطوة تأتي ضمن الجهود المتواصلة من قبل الحكومة للحد من أعداد المهاجرين المتواجدين في السويد. وقد أثار هذا الاقتراح جدلاً واسعًا، حيث زادت المبالغ المقترحة إلى 350 ألف كرونة سويدية (حوالي 30 ألف يورو) لكل شخص يرغب في العودة، مقارنة بالمبلغ السابق الذي كان يقدر بحوالي 10 آلاف كرونة فقط.
المبادرة وأهدافها
في محاولة لتقليل عدد المهاجرين غير العاملين أو الذين يتلقون مساعدات اجتماعية، تسعى الحكومة السويدية من خلال هذه المبادرة إلى توفير حوافز مالية مغرية للمهاجرين الذين يرغبون في العودة طواعية إلى بلدانهم الأصلية. ويشمل هذا العرض العديد من الفئات، من بينها الحاصلون على إقامات مؤقتة أو دائمة وحتى بعض المواطنين الحاصلين على الجنسية السويدية حديثًا. ووفقًا لما ذكره التقرير، فإن الحكومة تأمل أن تكون هذه الزيادة في الحوافز كافية لتشجيع عدد أكبر من المهاجرين على اتخاذ قرار العودة.
ردود فعل المهاجرين: استياء وغضب
التقرير نقل عدة آراء من المهاجرين العرب في السويد، حيث عبر العديد منهم عن استيائهم العميق من هذا الاقتراح. عبدالله مرعي، وهو ناشط سياسي من أصل فلسطيني، أعرب عن أن الفكرة تبدو وكأنها “عقاب جماعي” للمهاجرين بغض النظر عن مساهماتهم في المجتمع. وأضاف: “كيف لي أن أخبر ابنتي أن الدولة تعرض علينا مبلغًا ماليًا للخروج من هنا؟ هذا أمر مهين للغاية”.
الشاب السوري ع.م. الذي يقيم في السويد منذ أكثر من 10 سنوات، رفض الفكرة تمامًا واصفًا إياها بأنها “محاولة ناعمة للطرد”. وأضاف أن المهاجرين الذين بنوا حياتهم في السويد وساهموا في اقتصادها عبر دفع الضرائب، لا يستحقون أن يُعرض عليهم المال للخروج من البلاد.
الحوافز المالية وأثرها على سياسة الاندماج
وأشار التقرير إلى أن هذه المبادرة ليست الأولى من نوعها في السويد، حيث كانت الحكومة تقدم منذ عام 1984 مبالغ مالية للمهاجرين الراغبين في العودة. ومع ذلك، فإن الجديد في هذا المقترح هو حجم المبالغ المعروضة، والتي تعكس رغبة الحكومة في تعزيز عودة المهاجرين بشكل أكبر. إلا أن العديد من المحللين يرون أن هذا الاقتراح قد يؤثر سلبًا على جهود الاندماج ويزيد من شعور المهاجرين بعدم الأمان في البلاد.
انتقادات وتحليلات
فيما يرى البعض أن المقترح قد يحقق النجاح في خفض أعداد المهاجرين غير العاملين، يعتبر آخرون أن المبالغ المقترحة لا تأخذ في الاعتبار الظروف المعيشية والاقتصادية في بلدان الأصل. عبدالله مرعي أشار إلى أن هذه السياسة “لا تراعي أن بعض المهاجرين قد لا يكون لديهم وطن آمن يعودون إليه”، متسائلاً إلى أين يمكن أن يعود في ظل عدم وجود دولة رسمية له كفلسطيني.
من ناحية أخرى، عبر بعض المحللين عن شكوكهم حول فعالية هذا المقترح، مشيرين إلى أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تعميق الفجوة بين المهاجرين والمجتمع السويدي.
ردود فعل حكومية وتوقعات مستقبلية
تتوقع الحكومة السويدية أن تساعد هذه الحوافز المالية في تقليل أعداد المهاجرين وتخفيف الأعباء الاقتصادية على البلاد. ومع ذلك، فإن تنفيذ المقترح يواجه تحديات كبيرة على أرض الواقع، خاصة في ظل انتقادات متعددة من منظمات حقوق الإنسان والمهاجرين أنفسهم.