في تقليد غريب يعود للقرون الماضية: كنائس يونانية تتبادل إطلاق الألعاب النارية في معركة “مقدسة”

كنائس يونانية تتبادل إطلاق الألعاب النارية. greekreporter

دال ميديا: شهدت جزيرة خيوس اليونانية واحدة من أغرب وأقدم المواجهات “الجماعية” في العالم بين جارين… أو بالأحرى بين كنيستين، حيث تبادلت كنيستا “باناجيا إريثياني” و”أغيوس ماركوس” إطلاق مئات الألعاب النارية محلية الصنع، في تقليد متجذر منذ عقود ضمن احتفالات عيد الفصح الأرثوذكسي.

وتمتلئ سماء الجزيرة في منتصف ليلة عيد الفصح بهذه “المعركة السماوية” التي تجري أثناء قداس منتصف الليل، حيث يحاول كل فريق من المصلّين إصابة أجراس الكنيسة المنافسة بأكبر عدد ممكن من القذائف النارية، في مشهد مهيب ومثير يعكس التداخل الغريب بين الإيمان، والاحتفال، وروح التنافس الشعبي.

400 متر تفصل الخصمين وشرارة المنافسة مشتعلة

تفصل مسافة قصيرة لا تتجاوز 400 متر بين الكنيستين الواقعتين في قرية فروكتريا، لكن تاريخ التنافس بينهما طويل ومعقد. إذ يُعد إصابة جرس الكنيسة المنافسة أثناء قداس القيامة بمثابة “ضربة شرف” للمجتمع الكنسي المنتصر.

ورغم أن الفعالية قد تبدو خطيرة أو حتى عبثية للبعض، إلا أن سكان خيوس يصرون على أنها تقليد متوارث يمزج بين الاحتفالات الدينية والموروث الشعبي، وقد أصبحت من أبرز عوامل الجذب السياحي للجزيرة في موسم عيد الفصح.

من المدافع إلى البارود الخفيف… أصل القصة

تعود جذور هذا التقليد الغريب إلى القرن التاسع عشر، حين كان السكان المحليون في الجزيرة، التي كانت آنذاك تحت الحكم العثماني، يستخدمون مدافع بدائية مليئة بالبارود للاحتفال بقيامة المسيح. لكن مع تزايد المخاوف لدى السلطات العثمانية من أن تتحول المدافع إلى أدوات تمرد، تم مصادرتها ومنع استخدامها.

ولم يوقف هذا القرار سكان خيوس، إذ ابتكروا بديلاً أقل ضرراً وأكثر إبداعاً: إطلاق قذائف نارية خفيفة محلية الصنع، تستهدف أجراس الكنائس بدلًا من الأعداء.

ومنذ ذلك الحين، توارثت الأجيال هذا التقليد ليصبح جزءاً من الهوية الثقافية للجزيرة، ويُحتفل به كل عام رغم دعوات التهدئة التي تظهر أحيانًا من السلطات لأسباب تتعلق بالسلامة العامة.

بين الانتقاد والافتخار… انقسام حول استمرار التقليد

رغم الشعبية الواسعة لهذا الحدث، إلا أنه لا يخلو من الجدل. فبينما يعتبره الكثيرون مهرجاناً فلكلورياً فريداً يضفي سحراً خاصاً على عيد الفصح، يرى آخرون أنه يشكل خطراً على السلامة العامة، خصوصاً في ظل مشاركة المراهقين في تصنيع الألعاب النارية يدويًا.

ورغم هذه المخاوف، لا تظهر مؤشرات على نية السكان في التخلي عن هذا الطقس العريق. فبالنسبة لهم، هذه “الحرب النارية المقدسة” تمثل توازناً دقيقًا بين الإيمان، والفرح، والهوية المحلية.

المصدر: SVT

المزيد من المواضيع