من السويد إلى إيطاليا: عروض عقارية بأقل الأسعار لإعادة إحياء القرى الأوروبية

صورة من الريف السويدي. swedishnomad
صورة من الريف السويدي. swedishnomad

في قلب أوروبا، تتبنى عدة دول مبادرات طموحة تسعى لإعادة الحياة إلى المناطق الريفية المهجورة عبر تقديم عروض عقارية بأسعار زهيدة. من السويد إلى إيطاليا وألمانيا، تجتمع جهود السلطات المحلية والمجتمعات لإحياء القرى والبلدات الصغيرة التي تعاني من الهجرة نحو المدن، في مسعى لتوفير فرص سكن بأسعار معقولة وجذب سكان جدد. في هذه المبادرات الجريئة، يجد الباحثون عن حياة هادئة وطبيعة خلابة فرصاً لا تعوض لامتلاك منازل وأراضٍ بأسعار رمزية، مع متطلبات تلزمهم بترميم العقارات والعيش فيها، مما يساهم في تنشيط البنية التحتية المحلية وتحقيق توازن في النمو السكاني بين الريف والحضر.

السويد تقود التجربة

اتخذت سلطات بلدة غوتينه (Götene) في جنوب غرب السويد خطوة جريئة ببيع الأراضي بأسعار رمزية تصل إلى كرونة سويدية واحدة (حوالي عشرة سنتات) للمتر المربع. الشرط الأساسي للاستفادة من هذا العرض هو بناء منزل خلال عامين. وقد أثار هذا العرض ضجة كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي، مما جذب اهتماماً واسعاً من مختلف أنحاء العالم. غوتينه بلدة صغيرة يبلغ عدد سكانها حوالي 5000 نسمة، وتقع في منطقة غنية بالمناظر الطبيعية الجميلة، مما يجعلها وجهة جذابة لمحبي الطبيعة والهدوء.

إيطاليا: منازل تاريخية بيورو واحد

في إيطاليا، تقدم العديد من البلدات والقرى منازل بأسعار تبدأ من يورو واحد في مبادرة تهدف إلى إعادة الحياة إلى القرى المهجورة. تتطلب هذه المنازل في الغالب عمليات ترميم شاملة، وتشترط البلديات على المشترين تجديدها والعيش فيها بصفة دائمة. تنتشر هذه العروض في مناطق ساحرة مثل توسكانا، صقلية، وأبوليا، حيث يأمل السكان المحليون في جذب سكان جدد يعيدون الحيوية والنشاط إلى هذه القرى.

ألمانيا: العودة إلى الجذور الريفية

في ألمانيا، وبعد إعادة توحيد البلاد في عام 1990، شهدت بعض المناطق الريفية في “ألمانيا الشرقية” نزوحًا كبيرًا نحو المدن. لكن في السنوات الأخيرة، وبتأثير من جائحة كورونا وزيادة فرص العمل عن بُعد، بدأت العائلات تعود إلى الريف. ووفقاً لدراسة من مؤسسة برلين للسكان والتنمية، هناك زيادة ملحوظة في عدد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و49 عاماً الذين يختارون العيش في الريف. تُعرض الآن منازل في هذه المناطق بأسعار تنافسية للغاية، مما يجعلها خياراً جذاباً للأسر الباحثة عن حياة أكثر هدوءًا.

تحديات كبيرة

ورغم أن هذه المبادرات توفر فرصاً حقيقية للسكن بأسعار معقولة، إلا أنها تأتي مع تحديات كبيرة. فالعقارات المطروحة تكون في أغلب الحالات في حالة سيئة وتتطلب استثمارات كبيرة في الترميم. كما أن بعض العروض تتطلب من المشترين الالتزام بالعيش الدائم في هذه المنازل، وليس فقط استخدامها كمنزل للعطلات.

لكن بالرغم من هذه التحديات، تقدم هذه المبادرات حلاً مبتكراً لمشكلة النزوح الريفي وتعزز من توازن النمو السكاني بين المدن والريف. ومع تزايد الاهتمام العالمي بهذه العروض، يبدو أن الكثيرين مستعدون لمواجهة هذه التحديات للاستمتاع بحياة ريفية هادئة بأسعار لا تُصدق.

المزيد من المواضيع