من صفحة “جديدة” إلى سطر مأزوم: اشتباكات على الحدود تعكّر أجواء التقارب بين بيروت ودمشق

عناصر من حزب الله اللبناني. wikipedia

دال ميديا: لم تمضِ أيام على الزيارة التي وُصفت بـ”التاريخية” لرئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام إلى دمشق، والتي أمل من خلالها في فتح صفحة جديدة في العلاقات بين لبنان وسوريا، حتى عادت أصوات القذائف لترتفع من جديد على الحدود، مهددة كل الكلام الدبلوماسي عن حسن الجوار واحترام السيادة.

ففي بيان رسمي، أعلنت وزارة الدفاع السورية، يوم الخميس، أن حزب الله أطلق خمس قذائف مدفعية من الأراضي اللبنانية باتجاه منطقة القصير بريف حمص، مشيرة إلى أن القوات السورية ردّت على مصدر النيران، قبل أن توقف ضرباتها بطلب من الجيش اللبناني.

وأضاف البيان أن الجيش اللبناني تكفّل بملاحقة المجموعة المسؤولة عن إطلاق القذائف، في حين استمر التواصل بين الجانبين لضبط الوضع على الحدود، التي كانت دائمًا نقطة توتر مزمنة بين البلدين، سواء عبر المعابر الشرعية أو تلك غير المعلنة.

وزارة الدفاع السورية أوضحت أن التواصل مستمر مع الجيش اللبناني في محاولة لضبط الحدود واحتواء التصعيد، مؤكدة أن وقف القصف جاء استجابة لمبادرة لبنانية سريعة لضبط الموقف ميدانيًا، في مشهد يُظهر هشاشة التهدئة وحدود تأثير الزيارات الرسمية عندما تُقابل على الأرض بمشاهد إطلاق نار.

ويأتي هذا التصعيد بعد الزيارة التي قام بها نواف سلام إلى دمشق، برفقة وزراء الخارجية والداخلية والدفاع، وهي الزيارة الأولى من نوعها منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي.

في الزيارة، سلّم سلام دعوة رسمية إلى الشرع لزيارة بيروت، في محاولة “لطي صفحة الماضي” وإعادة العلاقات بين البلدين إلى مسار “الاحترام المتبادل، والسيادة، وعدم التدخل”.

لكن سرعان ما جاء الرد العملي من الحدود، لا من القصر الرئاسي.

ما وراء الاشتباك؟

مصادر مطلعة في بيروت ترى أن حزب الله يستفيد من الطبيعة الجغرافية المعقدة للحدود بين البلدين، حيث تكثر المعابر غير الشرعية التي تُستخدم لتهريب الأسلحة والأفراد، وحتى للقيام بعمليات عسكرية خاطفة.

الحدود الممتدة على 330 كيلومترًا لطالما شكلت تحديًا أمنيًا بين بيروت ودمشق، إذ تحتوي على عشرات المعابر غير الرسمية التي تعجز السلطات عن ضبطها بالكامل، رغم التفاهمات المتكررة.

وكانت المنطقة نفسها قد شهدت اشتباكات دامية الشهر الماضي أوقعت قتلى من الجانبين، ما يعكس هشاشة الوضع وغياب السيطرة الفعلية على كامل خط التماس.

لجنة مشتركة… وطموحات مؤجلة

من جهتها، أكدت الحكومة اللبنانية أنها اتفقت مع الجانب السوري على تشكيل لجنة وزارية مشتركة تضم وزارات الخارجية، الدفاع، الداخلية، والعدل، لبحث الملفات العالقة، من بينها:

  • ترسيم الحدود البرية والبحرية

  • مكافحة التهريب

  • ضبط المعابر

  • تعزيز التنسيق الأمني

لكن يبدو أن الطريق إلى “حسن الجوار” لا تزال مليئة بالعقبات، وأن بناء الثقة بين الطرفين يحتاج إلى ما هو أبعد من اللقاءات الرسمية والبيانات الدبلوماسية.

ففي الشرق الأوسط… الكلمات لا توقف القذائف.

المزيد من المواضيع