في تقرير حديث من “يورونيوز بيزنس”، أُلقي الضوء على أهمية التوازن بين العمل والنوم في حياة الأوروبيين، خاصة مع تزايد النقاشات حول اعتماد نموذج العمل لأربعة أيام في الأسبوع. وبينما أظهرت بعض الدول تقدماً كبيراً في تحقيق هذا التوازن، لا تزال دول أخرى تعاني من نقص في جودة الحياة بسبب ساعات العمل الطويلة، مما يؤثر بشكل مباشر على صحة السكان وإنتاجيتهم.
هولندا في المقدمة: ساعات عمل أقل ونوم أفضل
تصدرت هولندا قائمة الدول الأوروبية التي تحقق أفضل توازن بين العمل والنوم، وفقاً لدراسة أجرتها “MattressNextDay”. وخلصت الدراسة إلى أن الهولنديين ينامون بمعدل 8 ساعات و5 دقائق يومياً، وهو أعلى معدل نوم بين الدول الأوروبية. هذا التوازن المثالي يعزى إلى عدة عوامل، منها أن الموظفين في هولندا يعملون في أقصر أسابيع العمل في القارة، بمتوسط 32.2 ساعة أسبوعياً.
هذا الجدول الزمني الأقل ضغطاً أسهم في أن يعبر العاملون في هولندا عن أعلى معدلات الرضا الوظيفي والثقة في مكان العمل على مستوى العالم، متجاوزين دولاً مثل فنلندا والدنمارك وآيسلندا، وفقاً لتقرير من شركة “غالوب” للتحليلات والاستشارات. وتظهر أهمية هذا الرضا الوظيفي في قدرة الشركات على الاحتفاظ بالموظفين وتقليل تكاليف إعادة التوظيف والتدريب.
النوم الجيد يحسّن الأداء والإنتاجية
الرئيس التنفيذي لشركة “MattressNextDay”، مارتن سيلي، أوضح في تصريح لـ”يورونيوز” أن تحقيق التوازن بين العمل والنوم هو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على إنتاجية عالية وصحة جيدة. وأشار إلى أن قلة النوم تؤثر بشكل مباشر على القدرة على التركيز، والإبداع، واتخاذ القرارات. وقال: “النوم الجيد يساعدنا في استعادة نشاطنا والتعامل مع تحديات اليوم بشكل أفضل. لذا، إيجاد توازن جيد في جدول العمل اليومي هو مفتاح النجاح على المدى الطويل”.
الهولنديون أيضاً يتمتعون بعادة صحية قد تسهم في تحسين نومهم، وهي شرب القهوة في الهواء الطلق في الصباح، مما يعزز امتصاص أجسامهم لأشعة الشمس المبكرة، التي تساهم في تنظيم الإيقاع البيولوجي وتحسين جودة النوم.
النمسا: تجربة متميزة في التوازن بين العمل والنوم
النمسا بدورها تحقق توازناً جيداً بين العمل والنوم، حيث يعمل الموظفون هناك بمعدل 33.6 ساعة أسبوعياً، وينامون ما بين 7 إلى 8 ساعات يومياً. بالإضافة إلى أن العمل الإضافي في النمسا محدود بشكل كبير، وتتيح العديد من الشركات ساعات عمل مرنة تساعد في دعم الموظفين، لا سيما الآباء الجدد. السياسات الحكومية الفعالة وقوانين العمل تشكل جزءاً كبيراً من هذا النجاح.
تركيا في ذيل القائمة: ساعات عمل طويلة وتأثيرات نفسية سلبية
في الجهة الأخرى من الطيف، جاءت تركيا في ذيل القائمة كواحدة من أسوأ الدول الأوروبية من حيث التوازن بين العمل والنوم. يعمل الأتراك في المتوسط 44.2 ساعة أسبوعياً، وهي أطول ساعات عمل في القارة، ما يجعل من الصعب على الموظفين الحصول على قدر كافٍ من الراحة. ويضاف إلى ذلك التأثيرات السلبية للوضع الاقتصادي المتردي في تركيا، بما في ذلك التضخم وارتفاع معدلات البطالة وغلاء العقارات، مما يدفع الكثيرين للعمل في أكثر من وظيفة لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
دراسة أخرى أجرتها “ScienceDirect” في عام 2021 أظهرت أن أزمة جائحة كورونا زادت من الضغوط النفسية على الأتراك، ما ساهم في تفاقم مشاكل النوم. ووجدت الدراسة أن العاملين في مجال الرعاية الصحية والأشخاص الذين تم تسريحهم من وظائفهم كانوا من بين الفئات الأكثر تعرضاً للضيق النفسي واضطرابات النوم.
النرويج: الهواء النقي يعزز الصحة والنوم
في النرويج، يتمتع الموظفون بتوازن جيد بين العمل والنوم، حيث يعملون 33.9 ساعة أسبوعياً في المتوسط. وتساعد الأنشطة الخارجية مثل التزلج والمشي لمسافات طويلة والتجديف بالكاياك في تعزيز جودة النوم وتحسين الصحة العامة. كما أن النرويجيين يميلون إلى الحفاظ على غرف نومهم باردة ويستخدمون بطانيات منفصلة، وهي عادات تعزز النوم العميق.
عوامل تؤثر على جودة النوم
وفقاً لمارتن سيلي، هناك العديد من العوامل التي تؤثر على جودة النوم، منها بيئة الغرفة ودرجة الحرارة. الغرف الباردة والداكنة تعزز النوم العميق، بينما يمكن أن تؤدي الكافيين والكحول إلى إعاقة النوم. ومع ذلك، غالباً ما يتم تجاهل أحد أهم العوامل، وهو اختيار المرتبة والوسادة المناسبة، حيث قال سيلي إن العثور على الوسادة المثالية لدعم الرأس والرقبة والعمود الفقري يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في تحقيق نوم مريح.